الصفحة الأولي من خطبة الجمعة اليوم لوزارة الأوقاف “مواجهة الفساد مسئولية دينية ووطنية ومجتمعية”

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابِهِ الكريمِ : ( وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنّ سيدَنَا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ، اللهم صلّ وسلمْ وباركْ عليه وعلى آلهِ وصحبِهِ، ومَن تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.ِ

وبعدُ :

فإنّ الفسادَ ظاهرةٌ سلبيةٌ تهدرُ طاقاتِ الأفرادِ والدولِ ، وتقفُ عقبةً في سبيلِ البناءِ والتنميةِ ، لذلك جاءتْ الشرائعُ السماويةُ متفقةً علي التحذيرِ من الفسادِ بكلِّ صورِهِ وأشكالهِ ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ علي لسانِ سيدِنَا صالحٍ عليه السلامُ ( ولا تعثوا في الأرضِ مفسدين ) ويقولُ سبحانَهُ علي لسانِ سيدِنَا شعيبٍ عليه السلامُ ( ولا تبخسوا الناسَ أشياءَهُم ولا تعثوا في الأرضِ مفسدين) ويقولُ تعالي علي لسانِ سيدِنَا موسي مخاطبًا أخاهُ هارون ( عليهما السلامُ): )وأصلحْ ولا تتبعْ سبيلَ المفسدين)

ويقولُ سبحانَهُ ( ولا تعثوا في الأرضِ مفسدين ) ويقولُ نبيُّنَا صلي اللهُ عليه وسلم ) ( فأمَّا من ابتغي وجهَ اللهِ ، وأطاعَ الإمامَ وأنفقَ الكريمةَ وياسرَ الشريكَ، واجتنبَ الفسادَ ، فإنّ نومَهُ ونبهَهُ أجرٌ كلُّه)

والفسادُ لهُ صورٌ متعددةٌ، من أخطرِهَا ما يتعلقُ بالانحرافاتِ الماليةِ والإداريةِ، من خلالِ التعديِ علي المالِ العامِ والتقصيرِ في أداءِ الواجبِ الوظيفيِّ ، والمحسوبيةِ ، والرشوةِ ، والغشِّ ، فهذا كلُّه من أبوابِ أكلِ السحتِ ، وأكلِ أموالِ الناسِ بالباطلِ ، حيثُ يقولُ عزّ وجلّ : ( ولا تأكلوا أموالَكُم بينكم بالباطلِ) ، ويقولُ نبيُّنَا ( صلي اللهُ عليه وسلم ) ( لعنةُ اللهِ علي الراشي والمرتشِي ) ، ويقولُ ( صلي اللهُ عليه وسلم ) : ( إنّ رجالًا يتخوضون في مالِ اللهِ بغيرِ حقٍّ ، فلهُم النارُ يومَ القيامةِ ) ، ( ويقولُ صلي اللهُ عليه وسلم )، (لا يدخلُ الجنةَ لحمٌ نبتَ من سحتٍ ، النارُ أولي بهِ ) ، ويقولُ ( صلي اللهُ عليه وسلم ) ( من غشّنَا فليس منَّا ) .

الصفحة الثانية من خطبة الجمعة اليوم لوزارة الأوقاف “مواجهة الفساد مسئولية دينية ووطنية ومجتمعية”

ومما لا شكَّ فيهِ أنّ مواجهةَ الفسادِ تُعَدُّ مسؤوليةً دينيةً ووطنيةً ومجتمعيةً ، فالمسؤوليةٌ الدينيةُ تنطلقُ من إصلاحِ النفسِ ، وتربيتِهَا علي تقوي اللهِ ومراقبتِه في السرِّ والعلانيةِ ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ وتعالي : ( وهو معكُم أينَمَا كنتُم واللهُ بما تعملون بصير ) ، ويقولُ ( عزّ وجلّ ): ( إنّ اللهَ كان عليكم رقيبًا ) ، كما توجبُ غرسَ قيمِ الصدقِ والأمانةِ والوفاءِ وغيرِهَا من القيمِ الفاضلةِ في النفوسِ ، فالمؤمنُ الحقيقيُّ مصلحٌ لا مفسدٌ ، يقولُ سبحانَه : (أم نجعلُ الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعلُ المتقين كالفجارِ ) .

أمّا المسؤوليةُ الوطنيةُ فتقتضي تعزيزَ قيمِ الولاءِ والانتماءِ للوطن، وتعميقَ الشعورِ بالمسؤوليةِ تجاهَ المالِ العامِ والمرافقِ العامةِ ، ونشرَ ثقافةِ النزاهةِ والشفافيةِ علي نطاقٍ مجتمعيٍّ واسعٍ ، والأخذَ علي أيدي المفسدين والمخربين، فقد توعدَ الحقُّ سبحانَهُ وتعالي المفسدين بأشدّ ألوانِ العقابِ ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَه : ( إنّما جزاءُ الذين يحاربون اللهَ ورسولَهُ ويسعون في الأرضي فسادًا أنْ يُقتلوا أو يُصلبوا أو تُقطع أيديهم وأرجلُهم من خلافٍ أو يُنفوا من الأرضِ ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرةِ عذابٌ عظيمٌ )

****

الصفحة الثالثة من خطبة الجمعة اليوم لوزارة الأوقاف “مواجهة الفساد مسئولية دينية ووطنية ومجتمعية”

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين ، والصلاةُ والسلامُ علي أشرفِ الخلقِ سيدِنَا محمدٍ وآلهِ وصحبِه أجمعين .

إنّ المسؤوليةَ المجتمعيةَ تَقتضي تعزيزَ الثقافةِ العامةِ الرافضةِ للفسادِ ، وتحقيقَ الرقابةِ المجتمعيةِ الواعيةِ لخطورةِ الفسادِ علي المجتمعِ كلِّه ، وذلك من خلالِ تفعيلِ دورِ المؤسساتِ الدينيةِ والتعليميةِ ، والإعلاميةِ حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ : ( فلولا كان من القرونِ من قبلِكم أولوا بقيةٍ ينهون عن الفسادِ في الأرضِ إلا قليلًا ممن أنجينا منهم )، ويقولُ سبحانَهُ وتعالي: (وما كان ربُّك ليهلكَ القري بظلمٍ وأهلُها مصلحون) .

كما أنّ الأمرَ يتطلبُ عدمَ التسترِ علي أيِّ مفسدٍ ، والتعاونَ مع الأجهزةِ المختصةِ في كشفِ كافةِ أنواعِ الفسادِ ، حتي يعمَّ الاستقرارُ المجتمعَ كلَّه ، حيثُ يقولُ نبيُّنَا ( صلي اللهُ عليه وسلم) ( مثلُ القائمِ علي حدودِ اللهِ والواقعِ فيها كمثلِ قومٍ استهموا علي سفينةٍ فأصابَ بعضُهم أعلاهَا وبعضُهم أسفلَها فكان الذين في أسفلِها إذا استقوا من الماءِ مروا علي مَن فوقَهُم فقالوا لو أنّا خرقنَا في نصيبِنَا خرقًا ولم نؤذِ مَن فوقنَا فإنْ يتركُوهم وما أرادُوا هلكُوا جميعًا وإنْ أخذوا علي أيديهِم نجَوا ونجَوا جميعًا ).

اللهم احفظ مصر من كل سوء وسائر بلاد العالمين